عام 2011 يشهد تحولا ملحوظا في تسليح التنظيم الإرهابي
السلاح الليبي يخلط أوراق ''دبلوماسية الساحل'' ويمكن ''القاعدة'' من وسائل التصعيد
30-12-2011
الجزائر: عاطف قدادرة
أخلط الملف الليبي جميع أوراق دول ''الساحل الإفريقي'' التي تحاول،
منذ شهور، تنسيق مواقفها إزاء ملفي مكافحة الإرهاب والتنمية، بعيدا عما
تسميه ''التدخل الأجنبي''، كما أعادت إشكالية السلاح الليبي كثيرا من الخطط
إلى نقطة الصفر، وبعثت بعض نشاط ''القاعدة'' في الداخل الجزائري مع تصعيد
لافت لعمليات خطف الغربيين قرب الشريط الحدودي.
كانت دول مجموعة الساحل، التي تضم الجزائر وموريتانيا ومالي والنيجر، مع
مطلع العام 2011، أمام مواعيد تتصل ببحث دعم دولي لا يتخطى حدود ''الرعاية
التقنية والتنموية''. وإلى غاية ذلك الموعد، كانت المجموعة قد رتبت
أوراقها على المستوى الدبلوماسي، عبر عدد من اللقاءات رفيعة المستوى على
صعيد وزراء الخارجية. وبالمقابل، كانت لجنة العمليات العسكرية الموحدة في
تمنراست قد أتمت استعداداتها الهيكلية والتنظيمية، بما في ذلك الشروع في
توزيع الرئاسة الدورية.
لكن تفجر الوضع في ليبيا، وأخذ مسار الثورة الشعبية مظهرا مسلحا، كان
لافتا تأثيره على أمور مجموعة الساحل، باتجاهها تدريجيا نحو تحديد أولويات
جديدة تتصل بملف السلاح الليبي، فيما تراجعت أولويات أخرى إلى أسفل
الترتيب، ملف تجريم دفع الفدية، والبحث عن منافذ تمويل لمشاريع تنموية
تشترك فيها كبرى المجموعات، الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.
ولكن تقارير أمنية تربط كذلك بين ملف السلاح الليبي وبروز تصعيد في نشاط
التنظيم الإرهابي ''القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي'' في الداخل الجزائري،
من حيث نوعية العمليات والأهداف المقصودة. فكانت 2011 أول سنة يستهدف فيها
التنظيم أكاديمية شرشال العسكرية، شهر رمضان الفارط، كما عاد التنظيم
لاستهداف مطارات عسكرية، من خلال هجوم شهير ضد مروحيات عسكرية في جيجل
باستعمال أسلحة ثقيلة. كما ضاعف ملف السلاح من مسؤوليات الوحدات العسكرية
العاملة عبر الشريط الحدودي في متابعة نشاط التهريب ومسالكه.
كما يمكن ترتيب كل هذه المستجدات والتحول في الأولويات ضمن التفسيرات
التي يمكن تقديمها لفهم تصعيد ''القاعدة'' في الساحل الصحراوي لنشاط الخطف
ضد غربيين بوجود يد مقاتلة مستعدة للانخراط في عملية ''خلط الأوراق'' عبر
آلاف التوارف العائدين من ليبيا. فسجل التنظيم أربع عمليات لافتة، الأولى
في الجنوب الشرقي قرب جانت بخطف سائحة فرنسية، وعملية ثانية في قلب مخيم
''الرابوني'' للاجئين الصحراويين في تندوف، خطف فيها ثلاثة عمال إغاثة
غربيين، وعمليتين متتاليتين في شمال مالي، استهدفت الأولى رعيتين فرنسيين،
والثانية استهدفت ثلاثة أوروبيين وقتل رابع.
وفي وجود تقارير أمنية غربية ومن دول المجموعة حول انتشار السلاح عبر
منطقة الساحل الصحراوي إلى غاية بؤر التوتر في إفريقيا الوسطى، ابتعدت
أولويات التنمية ''إلى حين''، ببروز سباق نحو مسألة أولى، وهي تحسيس
العواصم نفسها التي دعمت تدخلا عسكريا ضد نظام القذافي المتهاوي، بمخاطر
السلاح، انتهاء بقبول ''دول الساحل'' بـ''الحوار'' مع ثلاث دول أخرى في
المنطقة، هي نيجيريا والتشاد وبوركينافاسو، رغم انتقادات لم تعلن حول عدم
وفاء هذه الدول بالتزاماتها الأمنية لظروف ترتبط بعوامل محلية.