فريق بوتفليقة حبيس أفكار قديمة وعاجز عن التعاطي مع التحديات
الثورات العربية تربك السياسة الخارجية للجزائر
30-12-2011
الجزائر: حميد يس
أثبت تعاطي السلطات الجزائرية مع الأزمات الساخنة التي جرت أطوارها في المنطقة العربية، بعضها على حدود الجزائر،
أن فريق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عاجز عن التعاطي السليم مع التحديات
الجديدة في المنطقة. فريق حبيس أفكار قديمة. فالحكومة الجزائرية لا تملك
رؤية سليمة لما يحدث ولما ينبغي أن يكون.
يعكس العجز المفضوح عن استيعاب الرهانات الجارية عند ''أنوفنا'' حقيقة
جلية، هي أن طاقم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مزيج من أناس أيديولوجياتهم
متناقضة جدا، وغالبيتهم لا تعرف شيئا عن شؤون العالم. هذه الحقيقة تركت
انطباعا قويا في الخارج بأن الجزائر تجاوزتها الأحداث، بل ظهرت في بعض
الأحيان تسير عكس تيار التاريخ بوقوفها ضد إرادة الشعوب في التغيير، من
خلال مساندة الأنظمة المستبدة. وظلت هذه الصورة لصيقة بها طيلة عام كامل
تقريبا، رغم تصريحات المسؤولين التي حاولت التأكيد بأن ما استقر في أذهان
الناس في الخارج ليس هو الحقيقة، وإنما الحقيقة، حسبهم، أن الدبلوماسية
الجزائرية تسير وفق مبدأ رفض التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان.
وفي كل الأحداث التي اصطلح على تسميتها بـ''الربيع العربي''، حرصت
الدبلوماسية على الاختباء وراء هيئات ومؤسسات إقليمية في إبداء المواقف
والقيام بمساع، بدل أن تؤدي أدوارا فاعلة بواسطة مسؤوليها وفق نظرة تحفظ
المصالح، وتقدّر الرهانات التي جرى بعضها عند حدودنا. ففي حالة ليبيا،
اختفت الدبلوماسية تحت عباءة الاتحاد الإفريقي، وهي تعلم أن خيوط الأزمة
كانت بين أيدي الفرنسيين والبريطانيين أساسا، وحلف شمال الأطلسي عموما.
وثبت منذ البداية أن الاتحاد الإفريقي أعجز ما يكون عن إقناع طرفي الصراع
بوقف إطلاق النار. أما دعوة الجزائر إلى إبعاد التدخل الأجنبي ووقوفها ضد
عمل عسكري لحسم الموقف في ليبيا، فكانت بمثابة صرخة في واد. فالجزائر التي
تعتبر أكبر بلد بالمنطقة، مساحة وقدرات، ظهرت في أزمة ليبيا شبحا لا أحد
أعار لها وزنا. أخطر من ذلك، هي تتحمل حاليا تداعيات الحرب بأن كلفت نفسها
قيادة حملة التخويف من الانتشار العشوائي للسلاح.
وفي حالة سوريا المتفجّرة، تكرّس لدى الرأي العام الدولي بأن الجزائر
مهتمة بإنقاذ نظام الأسد بدل إدانة المذابح التي يرتكبها. ولم يكن متوقعا
أن تؤدي الدبلوماسية الجزائرية أي دور فاعل في أزمة سوريا، لأنها أصلا لم
تقم بشيء إيجابي يحفظه التاريخ لصالح الجزائر، عندما وقفت متفرجة على مصير
ليبيا وهو يتحدد عند حدودنا. واختبأت الجزائر في الحالة السورية وراء
الجامعة العربية، التي تؤدي في الغالب أدوارا بالوكالة عن القوى النافذة في
العالم. وكما ظلت تتلقى الضربات وتحاول رد التهم في أزمة ليبيا (قصة
المرتزقة)، فعلت الدبلوماسية نفس الشيء تقريبا مع أزمة سوريا. وكشف هذا
الارتباك والسلبية في التعامل مع التحديات المصيرية التي جرت في العالم في
الشهور الأخيرة، واقعا لا يمكن القفز عليه. فالبلد الذي لا يملك جبهة
داخلية قوية، ويرفض أو يعجز نظامه عن إشاعة العدل بين المواطنين، لا يمكن
أن تكون له كلمة بين الكبار.