ii-3-1 التعليم
3-1-1 الرّسميّ الفرنسيّ
كانت نسبة التلاميذ الجزائريين ضعيفة جدا في المدرسة الفرنسية وكان تعلّيم
اللغة العربية منعدما في المدرسة نفسها، إذا استثنينا نصابا أسبوعيا كان
مقداره ساعتين، كان تلقّن خلالهما بعض مبادئ اللغة العربية إلى التلاميذ
المتمدرسين في المدارس الكائنة في الأحياء الأهلية.
لم يكن تعليم الألهالي من أولويات النظام الاستعماري ، فلم تخصّص للأهالي
في مدينة وهران، على سبيل المثال - في السنة 1920 سوى تسعة أقسام للبنين
وأربعة أقسام للبنات.
وقد ارتفع العددان إلى ثلاثة عشر قسما للبنين وستة أقسام للبنات في السنة
1930 ثمّ إلى ثلاثة وعشرون قسما للبنين وعشرة أقسام للبنات في السنة 1938.
وإذا علمنا أن عدد السكّان " الأهالي " في السنة 1936 قد بلغ 48063 نسمة،
تحقق لدينا أن ثلاثا وثلاثين قسما بعيدة عن أن تحقق تعليما مرضيا وعادلا
لأبناء الأهالي .
فهذه إحصائيات تبين الفارق الواضح الفاضح بين تمدرس الأهالي و تمدرس غير المسلمين:
أعداد التلاميذ
المجموع
إناث
ذكور
غيرهم الأهالي غير هن الأهالي غير هم الأهالي الأعوام
115591 24375 57404 1179 58187 23196 1900/1901
136979 40778 67440 3527 69539 37251 1910/1911
124015 67738 63057 8410 60958 59328 1930/1931
149035 117155 73089 22976 75946 94179 1940/1941
146762 234300 73739 60698 73023 173602 1950/1951
158830 327921 79762 91062 79068 236859 1954/1955
3-1-2 الكتّاب
إذا كانت المدرسة فرنسية المنشإ و التنظيم فإنّ الكتّاب " نتاعنا" لا نشعر
فيه بالمضايقة، لا نحسّ فيه أنفسنا غرباء يعترينا الارتباك و يكتنفنا
الخجل.
كان الكتّاب في ذلكم الوقت أقوى مؤسسات التنشئة الاجتماعية. فهو فضاء
مشترك، فضاء مشترك في المخيال، فضاء مشترك مع الأجداد والآباء والإخوة و
الأتراب.
نادرا ما يصاب الطفل " الدّاخل " إلى الكتّاب بما يمكن تسميته بِ " صدمة
التمدرس " . الدّخول إلى الكتّاب غير محدّد بسنّ و لا يقيّده شرط. و
الدّاخل الجديد يجد من بين القدامى من هم أصغر منه و من يسكنون في حيه أو
زقاقه.
لا يفزعه الفقيه – سيدنا – لأنّه من ذات جنسنه . قد يتفق أن يكون بين سيدنا
هذا و بين أحد "المحضرة" قرابة أو علاقة ما. ثم إن سيدنا يختلف عن المعلم "
القاوري" لأنّه يتكبّد – شأنه شأن الجميع – الاستعمار نفسه و القهر نفسه
والبأس ذاته والبؤس ذاته!
ثمّ إنّ الكتّاب يعلّم كتاب الله.
لذا فقد كثرت الكتاتيب في مكان وجود الأهالي، و كثرت بالتالي في المدينة
الجديدة وكثيرا ما كنت تجد كتّابين في نهج واحد ، كان الأطفال يتعلّمون في
بعض منها مبادئ اللغة العربية، لأن الوظيفة الأساس كانت حفظ "المحضرة"
القرآن الكريم.
ولعلّ أشهر كتّاب في المدينة الجديدة "جامع الشريفية" الذي درس فيه صغار
المدينة الجديدة – بما في ذلك مدينة الحضر - اللغة العربية إضافة إلى حفظ
القرآن.
3-1-3 التعليم الحرّ
3-1-3-1 مدارس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
ما أن فتحت " مدرسة الفلاح " أبوابها حتى ذاع صيتها قي المدينة كلّها .
كان وراء بناء وفتح هذه المدرسة جماعة من المنخرطين في "جمعية العلماء المسلمين" ومن المناضلين في حزب الشعب الجزائري .
كان الصغار يتلقّون تعليمهم طيلة النهار أمّا الكبار فكانوا يتردّدون
عليها ليلا. كان المعلمون فيها من فئة المثقفين وغالبا ما كانوا مزدوجي
اللغة.
لم يكن الهدف من مدرسة الفلاح مقصورا على تعليم اللغة وحسب، بل كان يتعذّاه
إلى تحقيق ما كتبت "جمعية العلماء المسلمين" على نفسها تحقيقه: الوعظ
والارشاد وكذا نشر دين الإسلام منظّفا من الشوائب التي ألحقتها به الطرق
الدينية .
كان هذا النّشاط يتم في المدرسة وخارجها . كانت المدرسة تقاوم الحفلات التي
لا تتماشى وتعاليم الإسلام كالتبرنات الفاخرة وغلاء المهور والولائم
المختلفة - بما فيها المآتم - والتي كانت تقام بتبذير واضح.
ضاقت مدرسة الفلاح بالدّارسين و الوافدين عليها، فتقرر بناء مبنى آخر لها .
و لم يكن الدارسون ليقلقوا السلطات، بل كان تخوُّفهم من الدروس التي كانت
تلقى أيام الجمعة، و من الخطب التي كانت تجمع بشرا كثيرا.
إلى جانب التعليم، كان لمدرسة الفلاح نشاط مسرحي سوف نأتي إلى ذكره.
3-1-3-2 مدرسة المجد
لقد اختلفت هذه المدرسة عن مدرسة الفلاح وباقي مدارس جمعية العلماء
المسلمين الجزائريين 7. وكذلك اختلف المسرح بها عن المسرح بمدارس جمعية
العلماء، كان الجمهور المتفرج على المسرح لمدرسة المجد من الطبفة الشغيلة
ويدخل هذا ضمن النشاط السياسي لحركة الإنتصار للحريات الديمقراطية في
اتجاه العاملين. كان التمثيل يختتم محاضرات كثيرا ما كانت تقدم بسيدي
الهواري وكان الهدف من المحاضرات والمسرحيات توعية الجماهير .