عمير
بن سعد أحد ولاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على ( حمص ) وقد مكث عاما لا
يأتي خبره عمر، فقال عمر لكاتبه: اكتب إلى عمير: إذا جاءك كتابي هذا فأقبل
بما جبيت من فيء المسلمين. وأخذ عمير جرابه فجعل فيه زاده وقصعته وعلق
إداته، ثم أقبل يمشي من ( حمص ) حتى دخل ( المدينة ) قال: فقدم وقد شحب
لونه، واغبر وجهه، وطالت شعرته، فدخل على عمر وقال: السلام عليك يا أمير
المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فقال عمر: ما شأنك؟! قال عمير: ما ترى من
شأني! ألست تراني صحيح البدن، معي الدنيا أجرها بقرونها. قال: وما معك؟ فظن
عمر أنه جاء بمال فقال: معي جرابي أجعل فيه زادي، وقصعتي، آكل فيها وأغسل
فيها رأسي وثيابي، وإناء أحمل فيه وضوئي وشرابي، وعصاتي أتوكأ عليها وأجاهد
بها عدوا إن اعترض، فو الله ما الدنيا إلا تبع لمتاعي. قال عمر: فجئت
تمشي؟! قال: نعم! قال: أما كان لك أحد يتبرع لك بدابة تركبها؟! قال: ما
فعلوا وما سألتهم ذلك؟ قال عمر: فأين بعثتك؟ وأي شيء صنعت؟ قال: وما سؤالك
يا أمير المؤمنين؟! قال عمر: سبحان الله! فقال عمير: أما لولا أني أخشى أن
أغمك ما أخبرتك، بعثتني حتى أتيت البلد، فجمعت صلحاء أهلها، فوليتهم جباية
فيئهم، حتى إذا جمعوه وضعته مواضعه، ولو نالك منه شيء لأتيتك به. قال: فما
جئتنا بشيء. قال: لا قال عمر: جددوا لعمير عهدا