في أحدى فقرات برنامج برايم تايم على قناة ال ABCالأمريكية المعنونة ب what would you do?
"ماذا كنت لتفعل؟" يقوم طاقم البرنامج بنصب كاميرات خفية و استخدام ممثلين
محترفين لتمثيل بعض المواقف المحرجة لرصد ردود أفعال المواطنين .
في إحدى الحلقات يمثل شخص دور زبون مزعج
يقوم بتوبيخ النادلة و معاملتها بشكل سيئ و يراقب البرنامج ردود أفعال
الزبائن حيث يبدي أغلبهم امتعاضا من سلوك الزبون المزعج لكن يفضل اغلبهم
عدم التدخل . و في حلقات أخرى عالج البرنامج حالات كالتحرش العنصري و
الجنسي و محاولة خطف الأطفال و حالات أشخاص في حاجة لمساعدة أو الحماية . و
في معظم الحلقات كان هناك بعض الناس الذين يتدخلون لتصحيح الوضع لكن
الأغلبية كانت تكتفي بالمراقبة .
في إحدى الحلقات تقوم ممثلة في زي امرأة
متحجبة بدخول مخبزة لكن البائع و هو ممثل أيضا يرفض خدمتها و يطلب منها
المغادرة و حين تحاول الدفاع عن نفسها يصفها بالإرهابية و بنعوت عنصرية
أخرى . و تلجا المرأة المتحجبة لبعض الزبائن ليقتنوا لها ما تريد لكن
البائع يطلب منهم عدم القيام بذلك . و يتم تكرار التجربة مرات عديدة. و
النتيجة كانت أن عددا من الزبائن (6) ساندوا موقف البائع لكن 13 وقفوا له
بالمرصاد و دافعوا عن المرأة المحجبة في حين فضل الأغلبية 22 أن يلوذوا
بالصمت .
نتائج هذه التجارب تكشف عدة حقائق كما
تطرح عدة إشكالات . و الحقيقة الأساسية التي تبدو جلية هي ميل اغلب الناس
إلى الصمت عندما يرون أمرا خاطئا . كما أنها تكشف أن عدد الأخيار يفوق عدد
الأشرار لكن الأغلبية الصامتة هي التي ترجح كفة الشر لأنها لا تردعه . ففي
ال22 حالة التي لم يتخذ فيها الزبائن موقفا تجاه البائع لصالح الزبونة نجح
البائع في فرض موقفة في عدم خدمتها بحجة مظهرها الإسلامي .
و السؤال الذي اطرحه هو هل أنت من النوع
الذي يملك الجرأة لمواجهة شخص يتجاوز حدود الأدب و اللياقة ؟؟ لماذا يميل
اغلبنا للحياد في مواقف لا ينفع معها الحياد ؟؟ ما الذي سنخسره في حالة
تدخلنا لتصحيح موقف خاطئ أو للدفاع عن شخص مظلوم .
مشكلة الصراع بين الخير و الشر ليست مشكلة
غلبة الشر بل مشكلة سكوت الأغلبية ... الساكتون عن الحق متواطئون مع
الباطل ... و بإمكان كل واحد منا أن يقرر الانتقال من الأغلبية الصامتة إلى
الفئة الفاعلة .... لا يحتاج الأمر سوى التغلب على الخوف و سنكتشف أن
أغلبية الأشخاص الوقحين جبناء و هم في حاجة فقط لمن يقف في وجوههم لينكمشوا
.