هذا الأسبوع
الرقابة والمراقبون و''التراكوم''
31-12-2011
عبد الحكيم بلبطي
أين وصل التحالف الرئاسي وماذا قدم للاقتصاد وللنمو وللاستقرار السياسي- الاجتماعي؟
جزائر ما قبل التحالف حول برنامج الرئيس لا تختلف عن جزائر التحالف. فالمحروقات هي مصدر الحياة وهي وسيلة الاستيراد.
في عهد التحالف ''تفلت'' أكثـر من نصف حصيلة الضريبة على الطاقة من رقابة البرلمان الذي يسيطر عليه التحالف.
سياسيا، كان عنوانا للحكم واجتماعيا ظل متفرجا على أحداث وهزات يعلق ولا
يتحرك، مثله مثل المراقب المصاب بـ''التراكوم'' والمكلف بالرقابة
والتدقيق.
وهل يتحمل التحالف كل هذا العبء لوحده؟
أدلى مؤخرا، السيد أحمد بن بيتور بحوار ليومية ''لوسوار دالجيري'' تحدّث
عن مساره وبدايات العمل في السياسة، ثم صرح بأنه لا ينوي إنشاء حزب وحذّر
من انفلات الوضع.. بن بيتور الذي شغل منصب رئيس حكومة في بدايات حكم الرئيس
بوتفليقة واستقال، قال بأن أكثـر من نصف الضريبة على الطاقة غير مدرجة في
قانون المالية وأنها بعيدة المنال عن رقابة البرلمان.
السؤال كيف كان رد أحزاب الحكم والبرلمان الذي يتحكم فيه نواب التحالف؟
كان رد الأفالان بأن الإسلاميين قد يتقدمون في الانتخابات المقبلة. وكان
رد حمس أنها ستقرر ''في اجتماع قياداتها أمس واليوم'' في استمرار بقائها
في التحالف بعدما لاحظت بأن شريكيها ينفردان بالتخطيط للمستقبل. وجاء رد
الأرندي أن الإصلاحات كانت تعبّر بعمق عن مطالب الجزائريين.
.. هو نوع من الهروب.. أو هو الهروب بعينه.
ومثل المراقبين العرب (في سوريا أو عند مراقبة الانتخابات العربية) أكل
مرض ''التراكوم'' عيون ''الرقابة'' في الجزائر. فالمكلفين بها يضطرون في كل
مرة لاختلاق أعذار وأحداث تبعدنا عن مناقشة المواضيع الحقيقية، وهم عندما
يحذرون من قدوم ''موجة'' الإسلاميين إلى البرلمان المقبل، فرنهم بسلوكهم
هذا يمهّدون لتوفير ظروف إجراء ''تصويت انتقامي'' تصويت قد لا يعبّر عن
القناعات، لكنه كاف ليؤدي مهمة ''الانتقام''.
لقد فشلت ''الإصلاحات'' في انتزاع أغلبية من خارج أغلبية الحكم عجزت عن
المحافظة على الحد الأدنى من الانضباط داخل التحالف الرئاسي، على خلفية
تباين ''شهية'' أطراف التحالف من تشريعيات .2012
لكن الحديث عن ''عدم انضباط'' داخل التحالف لا يصل الى سقف ''القطيعة''،
لأن ما يجري هو خلاف حول الترتيب وليس على مشروع مجتمعي. وقد كانت سنوات
الحكم الـ12 الأخيرة كافية لجعل وعود البرنامج الاقتصادي حقيقة ملموسة.
لكن ما جرى، أن اقتصاد الجزائر ما يزال ''يبيع النفط'' ويشتري بعائداته ما
نأكله وما نستخدمه في العمل والحياة اليومية.. وبنفس النسبة المئوية
تقريبا.
وسيزداد استخدام ''التخويف'' من التيار الاسلامي كلما اقتربنا من موعد
التشريعيات. والحقيقة فذلك هو البرنامج الوحيد لبعض أحزاب الحكم وربما هي
تلك الحقيقة الوحيدة التي تقولها لنا تلك الأحزاب وتلك الأطراف التي تستخدم
خطابها. فالتيار الاسلامي مبهم وغير مريح.
مبهم من حيث خطابه ومواقفه وأيضا من حيث تقلباته، ولنا في موقف حمس وسلطاني من مشروع ''الفساد قف'' تجربة.
وغير مريح، لأن وجوه من التيار تستخدم الدين على أنه ''رقية'' قادرة على حل المشاكل، مستخدمين خطابا شعبويا عاطفيا.
ومثل آخرين، لم تتخلص وجوه من التيار الإسلامي من عقدة التفوق، فهي
''تسوّق'' لفكرة أنها الوحيدة القادرة على تقديم الحل وبناء جزائر الغد.
والعبرة التي قد نستخلصها، أن جزائر ما قبل التحالف وما قبل تضخم عائدات
النفط، عاشت أزمة متعددة الأبعاد، وهي تعيش اليوم من دون حلول حقيقية، مما
يبقي أبواب المغامرات مفتوحة على المجهول..