أخطاء الساسة ومؤامرات الخارج تقسم السودان
حليف جديد لإسرائيل في قلب الأمة العربية
30-12-2011
الجزائر: رضا شنوف
لأول مرة في تاريخ العالم العربي
الحديث، يقسم بلد عربي ويخرج جزء منه خارج الفضاء القومي، ويصبح هذا الجزء
الجديد دولة قائمة بذاتها تعترف بإسرائيل، ذلك ما حدث في السودان سنة 2011،
بعد استفتاء تقرير المصير الذي أجري ما بين الخامس والسابع جانفي من بداية
السنة، وأقر فيه سكان جنوب السودان رغبتهم في الانفصال عن الشمال بنسبة
83, 98 بالمائة وتكوين دولة جديدة أطلقوا عليها ''جنوب السودان'' ورسم
الانفصال في التاسع جويلية الماضي.
كان موت زعيم الحركة الشعبية
لتحرير السودان جون غرانغ، في حادثة طائرة ذات سبتمبر من سنة 2005 في ظروف
تبقى غامضة، نقطة تحول في مسار العمل على تثبيت وحدة أراضي السودان، وإن
كان اتفاق نيفاشا الموقّع بين غرانغ والرئيس حسن عمر البشير سنة 2003، قد
دخل حيز التنفيذ في 2005 الذي وضع حدا لعقود من الحرب بين الشمال وجنوب
السودان وينص على إجراء استفتاء تقرير المصير للجنوبيين في سنة ,2011 إلا
أن غرانغ كان من الداعين إلى جعل ''الوحدة جذابة''.
لكن جهود تثبيت وحدة
أراضي السودان باءت بالفشل، وتبادل الجنوبيون مع الشماليين التهم حول من
يتحمل مسؤولية ذلك، فالجنوبيون يرون بأن الخرطوم أهملتهم ولم تعطهم حقوقهم
الاقتصادية واحترام خصوصيتهم الثقافية والدينية، والشماليون يرون بأن
الجنوبيين كانت لديهم نزعة انفصالية بالإضافة إلى مخططات خارجية عملت على
تفتيت السودان الذي هو أكبر دولة في إفريقيا والوطن العربي مساحة، إلى جانب
ثرواتها الطبيعية الهائلة وغير المستقلة.
وإن انفصل الجنوب عن الشمال
وأصبح دولة قائمة بذاتها، وجنّب الاستفتاء عودة الحرب بين الطرفين، إلا أن
إمكانية الدخول في حرب من جديد لا تزال قائمة وفق بعض الملاحظين بسبب عدم
ترسيم الحدود، خاصة فيما يتعلق بمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق الغنيتين
بالنفط والموارد الطبيعية، نتيجة تنازع الشمال والجنوب السوداني حول
سيادتهما التاريخية على المنطقة.
وليست الحرب وحدها ما يتهدد السودان
مع جارته الجديدة جنوب السودان، بل أيضا الأزمات الاقتصادية، بسبب خصم
حوالي 70 بالمائة من الناتج المحلي السنوي، لأن الجزء الأكبر من النفط الذي
كانت تصدره السودان كان يأتي من الجنوب، ما انعكس سلبا على احتياطات البلد
من العملة الصعبة وتدهور قيمة العملة المحلية.
وبالرغم من أن الخرطوم
تتحمل جزءا من المسؤولية في الانقسام، إلى جانب دور التيار الانفصالي في
الجنوب، فإن قيادات من الحركة الشعبية لتحرير السودان ممن كانوا يدعمون طرح
الوحدة حمّلوا الدول الغربية مسؤولية عدم لعب دور إيجابي في جعل الوحدة
جذابة بالنسبة لأهل الجنوب، بعدما طلب من الدول العربية الغنية دعم مشاريع
استثمارية لصالح سكان جنوب السودان من أجل رفع مستوى معيشتهم ودفعهم للبقاء
في حظيرة السودان الموحد.
وكنتيجة لهذا التقسيم، فإن الوطن العربي
اختزلت مساحته وأضيفت إلى معادلة الصراع العربي الإسرائيلي دولة جديدة تقيم
علاقات جدية مع الكيان العبري وتقع في منطقة إستراتيجية جد هامة بالنسبة
لتل أبيب، وربما اختيار رئيس جنوب السودان سيلفا كير إسرائيل لأن تكون أول
دولة يزورها بعد إعلان ميلاد دولته، يحمل أكثر من مدلول خاصة أنه صرح عند
وصوله بأن زيارته تاريخية لأرض الميعاد.