سنة سقوط الطغاة..هربا وخلعا وقتلا
الجزائر: سامية بلقاضي
لعل أهم الأحداث التي شهدتها هذه
السنة، تلك التي وضعت حدا لأطول فترات الحكم في المنطقة العربية، بداية
بالعقود الأربع التي قضاها العقيد معمر القذافي على رأس ليبيا منذ إطاحته
بالملكية سنة 1969، ليصبح أول حاكم عربي يرفض لقب الرئيس،
مفضلا تسمية ''القائد'' تماشيا مع اعتقاده آنذاك بالقومية العربية.
لكن
سرعان ما يخيب ظنه بالعروبة ويكتشف ميوله للتنظير، من خلال تأليف ''الكتاب
الأخضر'' الذي وجّه أنظاره للقارة السمراء. وبالرغم من تغيير الألقاب، إلا
أن القذافي لم يغير من الأوضاع في البلاد لتلحق به ثورة الغضب الشعبي
وتطيح بملك ملوك إفريقيا عن عرشه. والحال أن نهاية فترة حكم القذافي كانت
الأكثر مأساوية، إذ أن غيره من الرؤساء نجحوا في إنقاذ حياتهم، مثلما حدث
مع الرئيس المصري حسني مبارك، الذي كان يُنظر إليه على أنه بطل وطني منذ
توليه الحكم في 1981، فهو القائد العسكري المحنك والرئيس الذي تولى قيادة
مصر، محور الأمة العربية، كان ذلك قبل أن يحوّله غضب الشعب إلى أول رئيس
تتم محاكمته وسجنه. وهو ذات مصير أول رئيس عربي يسقط من أعالي البرج العاجي
الذي شيّده ليحميه من شعبه، فقد كان الرئيس زين العابدين بن علي مضرب
المثل عبر العالم في إحكام قبضته الحديدية في البلاد منذ اعتلائه الحكم في
1987 قبل أن تطيح به الثورة ولا يجد من يمنحه المأوى غير المملكة السعودية،
حيث يقضي آخر أيامه.
بشار الاسد.. الطبيب يبحث عن دواء للثورة من
مواليد 11 سبتمبر 1965، ابن الرئيس السابق حافظ الأسد، درس طب العيون
وتولى رئاسة الجمهورية في سوريا عام 2000 بعد وفاة والده حافظ الأسد
وتعديل الدستور ليناسب سن بشار الأسد الذي لم يكن يتجاوز الـ 35 سنة.
وتميّز عهده بفتور شديد مع الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة بعد احتلال
العراق في 2003، وازداد تأزما بعد اتهام سوريا بالوقوف وراء عملية اغتيال
رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، كما أنه فتح مخازن سلاح الجيش السوري
للمقاومة اللبنانية في حرب جويلية 2006
لكنه على الصعيد الداخلي لم ينجح
في تحقيق انفتاح أكبر فيما يتعلق بالحريات ومكافحة الفساد، مما فجّر
انتفاضة عارمة في 15 مارس 2011 انطلقت في درعا في الجنوب الشرقي وامتدت إلى
عدة مدن سورية، رفعت شعار ''الشعب يريد إسقاط الرئيس''، وهو الآن يصارع
البقاء.
راشـد الغنــوشي ''الحاكم'' الجديد لتونس راشد
الغنوشي، 70 سنة، يعود من بعيد. لقد كان الغنوشي أكثر حظا من باقي
الإسلاميين في الفضاء المغاربي. فبعد السجن والمنفى عاد إلى بلده من الباب
الواسع وشارك في انتخابات المجلس التأسيسي وفاز بالمرتبة الأولى ونصّب
نائبه رئيسا للحكومة، فأنصفه التاريخ.
هو من مواليد الحامة بصفاقص، درس
في جامع الزيتونة وفي دمشق وفي جامعة السوربون الباريسية الشهيرة. ناضل في
جماعة الدعوة والتبليغ وأسس حركة النهضة. لكنه دخل في مواجهة عنيفة مع
نظام بن علي الذي حاكمه أربع مرات وحكم عليه بالمؤبد ثم نفاه. عاش في
المنفى في بريطانيا، ينتظر دوره لمدة عقدين ثم عاد. الغنوشي استفاد كثيرا
من التجربة الجزائرية. وقد كانت تربطه علاقات وطيدة بزعماء الحركات
الإسلامية هنا. ويصنفه البعض في التيار البراغماتي كونه متشبّع بالثقافة
الغربية والعربية وله رصيد طويل في دراسة التجارب الناجحة والفاشلة في
العالم الإسلامي، مما جعله يتجانس مع التيارات الأخرى في تونس.
عبد الله صالحالجنرال المراوغ ول
رئيس يحكم اليمن الموحد في 1990 ولكن كان رئيسا لليمن الشمالي قبل الوحدة
من 1978 إلى .1990 شهد عهده عدة حروب مع الحوثيين والشيعة ومع تنظيم
القاعدة في الجزيرة العربية ومع الحراك الجنوبي الانفصالي، واجتاحت مظاهرات
مليونية في عدة مدن يمنية تطالب بإسقاط نظام علي عبد الله صالح منذ منتصف
جانفي ,2011 وقد تعرض عبد الله صالح لمحاولة في جمعة 3 جوان 2011 ولكنه نجا
من الموت وأجرى عدة عمليات ناجحة في السعودية. وبعد التوقيع على المبادرة
الخليجية ونقل صلاحيات الرئيس إلى نائبه، إلا أن متظاهرين شباب يطالبون
بمحاكمة الرئيس، مما يجعل مصيره مجهولا.
بلحاج.. من سجين لدى أمريكا إلى حليف لها مسار
عبد الحكيم بلحاج، 45 سنة، سلسلة بالمفاجآت. شارك في الحرب الأفغانية على
روسيا. وفي خضم الحرب التي قادتها أمريكا على الإرهاب، بعد أحداث الحادي
عشر سبتمبر، اعتقلته الاستخبارات الأمريكية في ماليزيا في سنة 2004 حوّل
بعدها إلى تايلندا ثم إلى ليبيا. وتعرّض للتعذيب ومكث في السجن سبع سنوات،
منها ثلاثة قضاها في العزلة وأطلق سراحه مع 214 من الإسلاميين وقت كان نجل
القذافي يقوم بإصلاحات تحضيرا لما بعد القذافي. لكن الأحداث الأخيرة التي
غيّرت ليبيا رأسا على عقب دفعته إلى الواجهة. فقاد الجماعة التي حررت
طرابلس من قبضة القذافي. فأضحى بطلا ونال منصب رئيس المجلس العسكري الليبي.
وفي أول تصريح له، طلب من أمريكا وبريطانيا الاعتذار ليتوجّه بعدها
إلى مقاضاة بريطانيا. وتعرض منذ أيام إلى محاولة اعتقال على يد مليشيا
الزنتان التي تسيطر على مطار طرابلس. ويبقي بلحاج من الوجوه المؤثرة اليوم
في المشهد الليبي.
أسانج.. كاشف أسرار أمريكا والعالم جوليان
أسانج صحفي أسترالي من مواليد عام1971، حائز على عدة جوائز عالمية في مجال
حقوق الإنسان والصحافة، مثل جائزة منظمة العفو الدولية عام 2009 (بفضل
كشفه لعمليات الاختفاء القسري والإعدام الجماعي بغير محاكمة للمعارضين في
كينيا) وجائزة صحيفة إيكونميست لمقاومة الرقابة لعام 2008 وغيرها من
الجوائز.
أسّس موقع ويكيليكس عام ,2006 واشتهر بنشر وثائق ترتبط بالفساد
والجرائم التي ترتكب بحق الدول النامية من رمي النفايات الضارة وحتى
الانتهاكات المالية للبنوك والشركات المختلفة. وزاد موقعه شهرة لما بدأ في
نشر برقيات سرية للإدارة الأمريكية تتعلق بأسرار عسكرية ودبلوماسية. ويذهب
البعض بأن البرقيات التي نشرها للسفير الأمريكي بتونس حول فساد عائلة بن
علي وأصهاره نهاية عام 2010 كانت وراء اشتعال الثورة التونسية. ويواجه
أسانج حاليا عقوبة السجن في قضية اغتصاب متابع بها في السويد، ومن إقامته
الجبرية في بريطانيا أعلن هذه السنة التوقف عن نشر البرقيات بسبب نقص
التمويل والحصار المالي الذي فرض على موقعه.
محمـــــــــود عبـــــــــــاسفلسطين بعد أن كادت تنسى! محمود
عباس، 76 سنة، رئيس السلطة الفلسطينية جاء من سوء حظه بعد ياسر عرفات. هنا
يكمن ضعفه. وقد آمن الرجل إلى حد ما بالوعود الإسرائيلية في تفعيل السلم
في المنطقة. وكان لا يمر يوم إلا وشوهد وهو يعانق تسيبي ليفني وزعماء
الليكود. وتسربت فضائح البذخ في رام الله واللامبالاة من حرب غزة. لكن
عباس يمتلك طول النفس لأنه يعرف أن للوظيفة الدبلوماسية سحرها، ذلك ما جعله
يخطو خطوات عملاقة في وضع إسرائيل وحلفائها أمام الأمر الواقع، حين قرر
عرض قضية الاعتراف بدولة فلسطين أمام مرآى العالم. وتمكّن من نزع الاعتراف
لدى اليونسكو، فأمريكا تتخبط اليوم في الوحل وهي تبحث عن مخرج من الفخ الذي
وضعت فيه، كما تمكّن من التقدم في المصالحة مع خصمه حماس ويعمل على الترشح
لعهدة ثانية في السنة القادمة إذا نجح في مساعيه الرامية إلى إنشاء دولة
بجميع المعايير.