الحكومة لم تجد نوابا طيعين مثل النواب الحاليين
المعارضة دعت لحل برلمان لم تؤمن به والسلطة فكرت في الأمر ثم تراجعت
30-12-2011
الجزائر: جمال فنينش
لم يحظ مطلب حل المجلس الشعبي الوطني بتأييد أوسع مما بلغه العام
الحالي، في ظل دعم قوى نيابية مشاركة في هياكله لهذا المطلب. ولم تكن لويزة
حنون، زعيمة حزب العمال، الوحيدة الحاملة لشعار الحل في الساحة، بل توسع
المطلب إلى أحزاب الإصلاح والنهضة وحمس والجبهة الوطنية الجزائرية، إلى
جانب الأرسيدي الذي جمد نشاطه في المجلس منذ مطلع السنة تعبيرا عن إحباطه
من أداء الهيئة. وعلى الأغلب، فإن قطاعا كبيرا من المطالبين بحل المجلس، في
تلك المرحلة المفصلية التي شهدت سقوط أنظمة تحت ضغط الشارع أو ما عرف
بالربيع العربي، أرادوا ركوب موجة التغيير في الجزائر، ومن متطلبات ذلك
التبرؤ من المجلس، خصوصا في ظل معلومات بأن حل البرلمان كان قيد الدراسة
على مستوى أعلى هرم الدولة، لاحتواء أي ''ثورة شعبية في الجزائر''. ولكن
التطورات اللاحقة بينت أن دعاة الحل لم يكونوا على نفس العزم والإرادة، فلم
يقدم أي من هذه الأحزاب على سحب منتخبيه للضغط على السلطات لحل المجلس أو
تقديم موعد الانتخابات. ونظمت اجتماعات، في مارس الماضي، سلسلة لقاءات جمعت
مسؤولين في هرم الدولة، رئاسة وبرلمان وحكومة، لبحث السيناريوهات الممكنة
للتعامل مع أي انفلات شبيه بتونس ومصر. وطرح مقترح حل المجلس الشعبي
الوطني، وتردد أن الرئيس بوتفليقة تحمس للمقترح، ولقي دعم رئيس المجلس
الدستوري ورئيس مجلس الأمة، لكن الوزير الأول بمعية الأمين العام للأفالان
ورئيس المجلس الشعبي الوطني عارضوا المقترح.
ولكن تم صرف النظر عن الفكرة، وأقنع الرئيس بوتفليقة، على ما يبدو، بأن
حل المجلس مكلف، لأن المبادرة بخطوة مماثلة في غياب ضغط الشارع قد يوحي
لدعاة التغيير بوجود إمكانية للانتقال إلى المطالبة بإقالة الرئيس نفسه،
وبالتالي تم صرف النظر عن الفكرة بعد ابتعاد عاصفة التغيير مؤقتا عن
الجزائر، إلى جانب ما يمكن أن توحيه خطوة مماثلة بأن النظام في أزمة كما
تحدث الأمين العام للأفالان في لقاء حزبي داخلي.
وبدل حل المجلس، حصل النواب على إعادة الاعتبار، وأكثـر من ذلك تم تسويق
تمديد عهدة المجلس الحالي، وأسندت إليهم مهمة رعاية نصوص الإصلاح السياسي
وتهذيبها، مع رسالة واضحة أن النواب الحاليين الذين منحوا الرئيس بوتفليقة
الغطاء الدستوري لعهدة ثالثة غير مؤهلين للنظر في أهم إصلاح دستوري، حيث
ترك النظر فيه في الدستور الجديد للمجلس المقبل.
ولم تجد السلطة نوابا طيعين مثل النواب الحاليين لتمرير قوانين جهزت قبل
سنوات لتعزيز سطوة السلطة، قبل تجميلها اعتمادا على العقاقير التي أعدتها
لجنة المشاورات السياسية.