المراهقات بين رحمة الإسلام و قسوة العادات
الشيخ سارية الرفاعي
إن التربية الإسلامية الفذَّة التي خرَّجت أجيالاً فريدة علماً وعملاً
وأخلاقاً ، لم تتوجَّه إلى الذكور فحسب بل كانت عنايتها تشمل جميع أفراد
المجتمع ذكوراً وإناثاً
لأن أيَّ مجتمع إنما يتكون منهما معاً ، ولقد أُسيء في عهود انحطاط الأمة
إلى الفتيات والبنات وأُهملواً إهمالاً شديداً بدافع الغيرة الجاهلة ،
فحُرموا من العلم ، وضُربوا بحجة أن الله تبارك وتعالى أباح ضربهن ، حيث
فُهمت الآية الكريمة ( فعظوهنَّ واهجروهنَّ في المضاجع واضربوهنَّ ) النساء
الآية 34
فهماً خاطئاً ، مما دعا الكثير من الفتيات والنساء لاعتبار أن الإسلام هو
المسؤول عن هذا الظلم الفادح الذي حاق بهن ، واستغلَّ ذلك أعداء الإسلام
الحاقدون .
و لكننا لو رجعنا إلى تعاليم الإسلام الأصيلة في القرآن الكريم والسنة
الشريفة ، وإلى الأسلوب النبوي في التربية لعرفنا أن الإسلام بريءٌ من هذه
الأعمال الخاطئة ومن هذا الاتهام الباطل ، فلم يرد في القرآن ولا في السنة
توجيهٌ إلى ظلم المرأة أو البنت ، بل على العكس من ذلك فإنك ستجد فيهما
الدعوة إلى تكريمهن والإحسان إليهن ، فما نُقل عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه ضرب امرأة قط .
و لم يستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تربيته أسلوب الإهانة والضرب
سواء كان ذلك مع الشباب أو الفتيات ، بل كان أسلوبه هو أسلوب الحوار
البنَّاء والتوجيه الحكيم المبني على الحب الصادق والود البالغ ، وهاهو
يستقبل ذلك الشاب ـ الذي طلب منه الإذن بالزنا ـ بكل رحابة صدر وحكمة في
التربية ، ومازال يستمع إليه ثم يوجهه بأسلوب مقنع هادئ حتى انتزع من نفسه
وعقله الهدف الخاطئ الذي جاء من أجله ، وهكذا كانت معاملته مع الفتيات
والبنات أيضاً .
و لكن – للأسف - حُرمت الفتاة في عصور الجهل والتخلف من الحب والود ، لأن
أهلها وخاصةً أباها وإخوتها الذكور الكبار كانوا يعاملونها بقسوة وفظاظة
وكأنها مخلوق وُجد للخدمة فحسب ، فراحت تتلمس ما فقدته عندهم خارج البيت
ليتصيدها ذئاب البشر ، بينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصُّ بناته
بمزيد حب ولهفة ، فكان إذا دخلت عليه ابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها
يقوم لها ويحتضنها ويقبِّلها من رأسها ، وكان إذا قدم من غزوة أو سفر يبدأ
بالمسجد فيصلي ركعتين ثم يدخل على ابنته فاطمة فيسلم عليها قبل أن يدخل على
بيوت زوجاته رضي الله عنهن .
ولهذا التقصير من الآباء فإن كثيرا من الفتيات المسلمات يتساءلن اليوم
لماذا فرض الله عليهن الحجاب ؟ وهل يجوز لهن أن تتكلمن مع شاب عبر التليفون
؟
وهل يمكنهن أن تجلسن مع شاب في حديقة أو مطعم ؟
وعلى المربين أن يسوقوا الأجوبة الحكيمة على هذه التساؤلات عبر جسر من
المحبة الغامرة والثقة التي تُشعرها بالاطمئنان ، فمن الخطأ الكبير أن
ينطلقوا في تعاملهم معها من منطلق الاتهام والريبة ،فكم جرَّت هذه الأوهام
إلى نتائج وخيمة من التمرد والانفلات ، وخيرُ الأجوبة أن تعرف فتياتنا أنه
لحرصِ الإسلام عليها من أن يستغلها ويعتدي على عفتها وكرامتها ذوو الأغراض
الخبيثة والنوايا القذرة فرض الله عليها الحجاب ، وحرَّم عليها أن تتحدث مع
شاب عبر التليفون لغير أمر ضروري ، أو أن تخرج معه إلى حديقة ومطعم ،
والحوادث المؤلمة شاهدة على ذلك .
إن الإسلام يعتبر الأنثى شريكة الذكر في بناء المجتمع فقد قال صلى الله
عليه وسلم ( إنما النساء شقائق الرجال ) كنز العمال ج16ص407 ، فهو يريدها
في ميادين الثقافة والعلم والجهاد والنشاط ، لتستطيع تربية الأجيال المؤمنة
القوية المعطاءة ، لا أن تكون عرضة لأصحاب الشعارات الزائفة الجوفاء ،
ويريدها أن تملأ فراغها ببرامج مفيدة وأعمال منتجة وخاصة في ميادين العمل
الخيري لأنها تتمتع غالباً بعاطفة جياشة محبة للخير ، وأن تختار من
الصديقات الصالحات المجتهدات اللاتي يدفعنها إلى معالي الأمور ، وعلى
المربين تقع المسؤولية لتوجيهها إلى كل ذلك .
هذه الأفكار و غيرها حول هذا الموضوع تستمعون إليها في هذه الخطبة
للشيخ سارية الرفاعي بعنوان ( تعامل المربين مع المراهقات )
اضغط على الرابط
http://www.sadazaid.com/play.php?catsmktba=2902