البعض يعتبرها مظهراً للصحة..
"بدانة الطفل" خطر يطارده في الكبر
مشاهد
كثيرة تثير في النفس الأسى، وتحرك فيها مشاعر العطف، ولعلَّ أصدق هذه
المشاهد منظر الطفل البدين الذي يمشي متثاقلاً في مشيته متكئاً على والديه،
وقد بدأ يلهث بعد خطوات قليلة!.
وبداية:
يختلف حجم الجسم من شخص إلى آخر، ويختلف استعداد الأطفال للبدانة إذ يحدث
عن طريق زيادة عدد الخلايا الشحمية في الجسم، أو بسبب زيادة حجم هذه
الخلايا بعد أن تمتلئ بالمواد الدسمة لتنتفخ وتكون النتيجة طفلاً.
إن
هناك عوامل كثيرة تساعد على ظهور الطفل البدين ولعل الوراثة من الأسباب
المهمة التي تؤدي دوراً مهماً، فكما أن الطفل يرث من والديه الصفات
الشكلية كالطول ولون العيون فإنه يرث البدانة ويكون سميناً كأبيه أو أمه.
ولوحظ
أن تقديم التغذية الصلبة للطفل بشكل أكبر يؤدي إلى كسب وزن سريع، فقد
تقدم الأم الأطعمة لطفلها المشاكس أو الذي يبكي كثيراً كوسيلة لإسكاته،
مما يؤدي إلى تشكل عادات سيئة لديه، إذ يطلب الطعام الإضافي للتغطية على
فشله في دراسته أو تعبيراً عن اضطرابات نفسية عنده، كما يحدث مثلاً عند
ولادة طفل جديد في الأسرة، فتبدو الغيرة من الطفل الجديد في زيادة التناول
من الطعام، وتؤدي قلة الحركة إلى تراكم الشحوم في جسمه، وحدوث البدانة.
كما أن هناك كثيراً من أمراض الغدد التي تؤدي إلى زيادة الوزن كأمراض الغدة الكظرية وهي غدة فوق الكلية، أو مرض السكري.
وتصبح
البدانة واضحة في أي عمر لكنها أكثر شيوعاً في السنة الأولى والخامسة
وخلال المراهقة، وعندما يكون السبب زيادة كمية الطعام، فإن الطفل يبدو أطول
من زملائه.
وقد يحدث البلوغ المبكر عند الأطفال البدينين في بعض الحالات، مما يؤدي إلى قصر أطوالهم في النهاية.
كما لوحظ أن الأطفال البدينين يعانون من اضطرابات نفسية وعاطفية قد تكون عاملاً مهماً في استمرار البدانة.
والآن: ما آثار هذا المرض؟!
يتعرض
الأطفال البدينون لكثير من المشكلات لعل أولها الآلام المفصلية وخاصة
آلام الركبتين لأنها تحمل ثقل الجسم، كما تزداد نسبة حدوث ارتفاع سكر
الدم، والضغط الشرياني عند هؤلاء الأطفال.
وعندما
تكون البدانة زائدة فإنها تؤثر على التنفس، إذ يعاني الطفل من اللهاث
وحدوث ضيق النفس حتى عند الجهد المتوسط، مما يؤدي في النهاية إلى أمراض في
عضلة القلب.
ويكفي أن نرى طفلاً بديناً، يتصبب عرقاً عندما يسير عدة خطوات في أحد أيام الصيف لنكوِّن فكرة عن تأثير السمنة السيئ على الجسم.
ويمكن الوقاية من المرض بما يلي:
ـ عندما يكون الأبوان أو الإخوة بدينين فلابد من اتباع برنامج نظامي من التمارين الفعالة مع حمية متوازنة، وقليلة الحريرات.
ـ يجب إطعام الرضيع بناء على طلبه لفترة قصيرة بعد الولادة وتقديم الطعام فقط عند ظهور علامات الجوع، وذلك خلال السنة الأولى.
ويُنصح بتجنب التلميح بإظهار الأغذية المحببة للطفل، وأن نعلِّم الطفل أن يأكل فقط عندما يشعر بالجوع، وأن نشجعه على حياة النشاط.
ولابد
من الدعم النفسي والعاطفي للطفل كي نقيه من حدوث البدانة، ومن المفيد أن
نذكر أن السكريات الزائدة كالحلويات مثلاً تتحول إلى دسم، وشحوم مختزنة في
جسم الطفل.
وهكذا يمكن أن نقي أطفالنا من أحد الأمراض التي يعتبرها كثير من الناس ـ بشكل خاطئ ـ أحد مظاهر الصحة والعافية!
الدكتور عبدالدايم الشحود
الحمادي ـ الرياض