أزيد من 200 جريح في إشباكات بين المناصرين أمام الشبابيك
إندلاع أعمال عنف و شغب و تخريب سيارة إسعاف و مركبات فرق التدخل السريع شهدت
الساحة المحاذية لمركب 19 ماي 1956 بعنابة، صبيحة أمس إندلاع أعمال عنف و
شغب، تزامنا مع إنطلاق عملية بيع تذاكر المقابلة التي ستجمع يوم الأحد
القادم منتخب الوطني بنظيره المغربي، حيث أن التوافد على الشبابيك كان
قياسيا، و سجلنا حضور نحو 100 ألف مناصر من أجل الحصول على الـ 45 ـ ألف
تذكرة التي تقرر طرحها للبيع قبيل خمسة أيام من موعد المواجهة، و قد إنزلقت
الأمور بشكل سريع لتتطور الأحداث، و تبلغ درجة دخول الآلاف من المناصرين
في مشادات مع قوات مكافحة الشغب التي تم الإستنجاد بها، فكانت الحصيلة
الأولية التي تحصلنا عليها بعين المكان في تسجيل إصابة أزيد من 200 مناصر
بجروح، من بينهم إثنان في حالة خطيرة، إستدعت تحويلهما على جناح السرعة إلى
مصلحة الإستعجالات بمستشفى إبن رشد الجامعي، مع تحطيم الواجهات الزجاجية
لسيارة إسعاف تابعة للحماية المدنية، و كذا رشق مركبات خاصة بوحدات التدخل
السريع بالحجارة.
صالــح فرطــاسهذا و قد إضطرت فرق الحماية المدنية إلى نصب ثلاث خيم بمحيط مركب 19 ماي من
أجل إستغلالها كأماكن لتقديم الإسعافات الأولية للجرحى، سيما بعد تسجيل
الكثير من حالات الإغماء جراء التدافع أمام الشبابيك، فضلا عن كون المئات
من المناصرين أقدموا على القفز فوق السياج الخارجي للملعب و الدخول إلى
الشبابيك أملا في الحصول على التذاكر، في الوقت الذي أعلنت فيه وحدات الأمن
حالة طوارئ قصوى في محاولة للتحكم في الوضع،لكن الأمور أخذت مجرى مغاير،
إثر تحوّل عملية بيع التذاكر إلى حركة إحتجاجية أمام البوابة الرئيسية
للملعب، حيث قام بعض المناصرين بقطع الطريق المؤدي إلى الملعب، و ذلك
بإستعمال الحجارة و المتاريس، مع رشق فرق مكافحة الشغب بالحجارة، بينما
كانت الأمور خطيرة أيضا أمام الشبابيك، بتسجيل حالات إعتداء بإستعمال
الأسلحة البيضاء على مناصرين من طرف مجموعات أشرار تسللت إلى أوساط الجحافل
من الباحثين عن التذاكر لتنفذ عمليات السطو و النهب.
توقيف إضطراري لعملية بيع التذاكر و توافد أزيد من 100 ألف مناصر
إلى
ذلك فقد أجبرت إدارة المركب على غلق الشبابيك في حدود الساعة العاشرة
صباحا، لأن ذات الهيئة كانت قد إرتأت تقديم فتح الشبابيك بنصف ساعة عن
الموعد المحدد آنفا، و ذلك بسبب توافد الآلاف من المناصرين على البوابة
الرئيسية للملعب في الساعات الأولى من الفجر، حيث تجاوز عدد الأنصار الذين
حضروا إلى المركب لإقتناء التذاكر في حدود الساعة الخامسة فجرا الـ 50 ـ
ألف، و هو رقم تضاعف مع مرور الساعات، على إعتبار أن هناك حتى من حط رحاله
بحضيرة السيارات التابعة لملعب 19 ماي في منتصف الليل، و إضطر إلى إستعمال
علبة ورقية " كارتون " كفراش للنوم، و ترقب فتح الشبابيك في وجه الجماهير.
مناصرون حضروا ليلا و إفترشوا " الكارتون " ليتعرضوا لإعتداءات دون الحصول على تذاكر
الفوضى
العارمة سادت في محيط الملعب حتى قبل إنطلاق عملية فتح التذاكر، لأن
الحشود البشرية التي توافدت على المركب تدافعت فيما بينها أملا في حجز
أماكن متقدمة في الطوابير غير المنظمة التي تشكلت أمام الشبابيك الـ 20 ـ
التي تم تخصيصها لهذه العملية، و هذا في غياب أي إجراء تنظيمي يتعلق
بالأنصار، مما جعل الأمور تنزلق منذ الوهلة الأولى، كون المناصرين الذين
ينحدرون من الأحياء الشعبية لبلديتي عنابة و البوني، خاصة بوخضرة، بيداري،
سيدي سالم، "البلاص دارم"، " جبانة اليهود " و " لاكولون " قاموا بتقسيم
الشبابيك فيما بينهم، لإقتناء أكبر عدد ممكن من التذاكر، و طرحها فيما بعد
للبيع في السوق الموازية، و عليه فقد شهدت أجواء الفوضى و التداخل أمام
الشبابيك ـسجيل الكثير من الإعتداءات بإستعمال الأسلحة البيضاء، لإرغام
الأنصار على ترك أماكنهم في الطوابير، و بالمرة تجريدهم من هواتفهم النقالة
و حتى المبالغ المالية، رغم أن هناك الآلاف من المشجعين ممن قدموا من كل
ولايات الوطن، إذ أن" النصر " قامت بجولة في حدود الساعة العاشرة بمحيط
البوابة الرئيسية للملعب، و إلتقت بمناصر جاء من وهران و يحمل راية "
الحمراوة " لكنه تعرض لإعتداء بسلاح أبيض على مستوى الوجه من دون أن ينجح
في شراء تذكرة، إضافة إلى مناصرين آخرين قدموا من ولايات أخرى و لم يتمكنوا
من تحقيق الهدف الذي جاؤوا من أجله.
وحدات الأمن تحبط محاولة إقتحام البوابة الرئيسية للملعب من طرف المحتجين
أجواء
الفوضى قابلتها وحدات التدخل السريع بتشكيل حاجز أمني مشدد على مستوى
البوابة الرئيسية للمركب تحسبا لأي طارئ، و مع ذلك فإن الأنصار الذين
إزدادوا غضبا عقب توقيف عملية بيع التذاكر لسباب تنظيمية بقرار من إدارة
الملعب، حيث حاول المناصرون الغاضبون تكسير البوابة الرئيسية و إقتحام
الملعب، لكن وحدات مكافحة الشغب التي كانت مرابظة في مدخل المركب أحبطت
مفعول المحاولات العديدة التي قام بها الآلاف من المشجعين، و الذين كانوا
يطالبون بإستئناف عملية بيع التذاكر، و تقديم توضيحات أكثر عن أسباب سوء
التنظيم، و عليه فقد تحولّت الساحة المحاذية للمدخل الرئيسي للملعب إلى
مكان إستغله الأنصار للتجمهر و رشق رجال الشرطة بالحجارة، بينما إكتفت قوات
الأمن بعمليات المطاردة من حين لأخر لتفريق المحتجين كلما زاد عددهم على
مقربة من بوابة الملعب، و لو أن هذه الأجواء المشحونة جعلت الحابل يختلط
بالنابل، بدليل أن رجال الإعلام الذين قصدوا الملعب لسحب بطاقات الإعتماد
الخاصة بالمقابلة إصطدموا بجملة من العراقيل، و من الزملاء من تعرض للضرب
خطأ، أو الرشق بالحجارة من طرف الأنصار، سيما و أن أعوان الأمن أصروا على
منع أي صحفي من الدخول إلى الملعب، قبل أن تلين المواقف نسبيا، و نتمكن من
الإلتحاق بالمكتب المخصص لسحب الإعتمادات، لكن وسط أجواء مشحونة، لأن
مطاردة رجال الشرطة للمحتجين من جهة، و إقدام المناصرين على الرشق بالحجارة
من الجهة المقابلة، في الوقت الذي أجبر فيه المئات من المنظمين على البقاء
في مكاتب إدارة المركب تطبيقا لتعليمات مصالح الأمن، مادام المناصرون ظلوا
يطالبون بضرورة الحصول على توضيحات من المديرية .
مدير الملعب للنصر : "بعنا 20 ألف تذكرة في ظرف 3 ساعات و الفوضى يتحملها الأنصار "
على
صعيد آخر، أكد مدير مركب 19 ماي حمدي لعشيشي بأن هذه الفوضى سببها الرئيسي
بحث كل مناصر عن تذكرة للدخول إلى الملعب لمتابعة المقابلة من المدرجات، و
الساعات الأولى من إنطلاق عملية بيع التذاكر شهدت توافد أزيد من 100 ألف
مناصر، مما أدى إلى حدوث فوضى عارمة أمام الشبابيك، و هنا فتح ذات المتحدث
قوسا ليؤكد بان قرار تخصيص نقطة واحدة لبيع التذاكر إتخذ من طرف السلطات
المحلية لولاية عنابة، و ليس لإدارة المركب أي ضلع فيه، قبل أن يعرج على
الحصيلة الأولية للساعات الأولى، إذ أوضح في هذا الشأن بأنه و إلى غاية
متصف نهار أمس تم بيع 20 ألف تذكرة، و هو ما يعني بأن نصف التذاكر المطروحة
للبيع قد تم إقتناؤه من طرف الأنصار في ظرف زمني لا يتجاوز 3 ساعات، و لو
أن لعشيشي أصر على التأكيد على أن التعليمة المتعلقة بحصر حصة كل مناصر
يتقدم على الشباك في ثلاث تذاكر فقط، مفندا بالتالي الأخبار التي تحدثت عن
توزيع التذاكر على مجموعات معينة من المناصرين العنابيين.
تذاكر مزورة بصورة يبدة و الحقيقية بصورة " الماجيك " و
في نفس الإطار أشار مدير مركب 19 ماي إلى وجود عملية تزوير في كمية معتبرة
من التذاكر التي تم طرحها للبيع في السوق الموازية، الأمر الذي دفعه إلى
توضيح الرؤية للمناصرين، بالإشارة إلى أن التذكرة السليمة و الصحيحة هي
التذكرة التي توجد عليها صورة اللاعب الجزائري مجيد بوقرة، و المهاجم
المغربي مروان الشماخ، بينما التذاكر المقلدة و المزورة عليها صورة حسان
يبدة إلى جانب الشماخ، ليخلص محدثنا إلى الجزم بأن عملية بيع التذاكر
إستأنفت بصفة عادية على مستوى شبابيك المركب، و ستتواصل إلى غاية الإنتهاء
نفاذ التذاكر عن آخرها، من دون أن تكون هناك حصة إضافية .
" البزناسة " إستغلوا الفوضى لبيع التذكرة بسعر 2500 دج
الفوضى
التي جعلت " تذكرة المباراة " ليست في المتناول قابلها المتخصصون في "
البزنسة " ببسط نفوذهم على الساخن، لأن الأجواء المشحونة التي شهدتها
الساعات الأولى من عملية بيع التذاكر على مستوى ملعب 19 ماي ساعدت المختصين
في السوق السوداء على رفع سعر التذكر الواحدة إلى عشرة أضعاف، و أكثر حيث
هناك من المناصرين من أجبر على إقتناء تذكرة من أمام حضيرة سيارات ملعب
عنابة بمبلغ 2500 دج، بينما يعرض " البزناسة " تذاكرهم التي إقتنوها بسعر
2000 دج، و هو ما يعني بان حمى السوق الموازية مرشحة لبلوغ ذروتها مع
إقتراب موعد اللقاء.
أجراس الخطر تدق بخصوص تنظيم المباراة هذا الأحد
هذه
الأجواء غير العادية كفيلة بإطلاق صفارات الإنذار قبل موعد الأحد القادم،
لأن الأمور التنظيمية في عنابة ليست على أحسن ما يرام، و الكل أصبح يخشى
وقوع ما لا يحمد عقباه يوم المقابلة الهامة و المصيرية للكرة الجزائرية،
لأن التجاوزات المسجلة في عملية بيع التذاكر تعد بمثابة المشهد الثاني لسوء
التنظيم، رغم أن الكل بمدينة بونة كان قد أعد العدة للتجاوب مع عرس كروي
مغاربي كبير، لأن أجراس الخطر قد دقت في معسكر اللجنة المنظمة سهرة
الإثنين المنصرم، تزامنا مع أول حصة تدريبية أجراها المنتخب الوطني بملعب
العقيد شابو، لأن التجاوزات التي تم تسجيلها في تلك الحصة، و نجاح العشرات
من المناصرين في إختراق الحواجز الأمنية و النزول إلى أرضية الميدان توحي
بان الجانب التنظيمي للمقابلة قد يشهد أيضا وقوع مثل هذه الأحداث، بصرف
النظر عن التعامل مع جحافل الأنصار الذين يكون عددهم قياسيا يوم الحد، كون
المنظمين قرروا فتح الأبواب في وجه الأنصار في حدود الساعة الحادية عشر
صباحا، و الأكيد أن الآلاف من المناصرين سيضطرون إلى البقاء لساعات طويلة
خارج أسوار الملعب، لأن " تذاكر الدخول أصبحت في متناول من إستطاع إليها
سبيلا " قبل خمسة أيام من موعد اللقاء.