"" حقوق كل من الزوجين على الآخر""
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلم على الهادي الكريم والسراج المنير وبعد موضوعنا اليوم : <حق كل من الزوجين على الآخر>إن الزواج نعمة من الله وهو من سنن الأنبياء والمرسلين وينطوي على حقوق وآداب وينبي على الشفافية والحب والوئام وله أحكام كبيرة في الفقه الإسلام ويكفي أن الله أرشد في كتابه بأن لكل واحد منهما حق على الآخر فقال : {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف }وقال:{ وعاشروهن بالمعروف >.ولما كانت أمتنا قديما تنهج بنهج الله رأت فيها الزوجية الاستقراروالسعادة حتى هبت عليها ريح الغربنة صارت إلى ماترى أمور ملتبسة وأحوال معكوسة ومناهج منكوسة . ففي زماننا هذا قل الصبر بين الطرفين بل تدخل طرف ثالث فاتسع الخرق على الرقيع والطرف الثالث هم أهل الزوج . في الغالب يقع الفصل بين الزوجين بسببهما فلنسال محاكمنا التي تكدست بطلب الانفصال إن الطرف الثالث شر على استقرار الزوجية وإن من العجب أنك تصلك أخبار عن تدخل طرف رابع من بعض الأجانب في شان الزوجية فمرة يشتمون الزوجة لزوجها ومرة يشتمونه لها حتى ينفصلا .واغرب من هذا أن ذهب ذاهب لأحد الأزواج فخاصمه كناصح على زواجه بالفتاة التي ارتضاها لنفسه بحجة أن أخاها كان في صغره قد ارتكب جرما ما.ومرة ترى في مجتمعنا من يقف حجر عثرة لزواج الأخريات فتراه يكيل المعايب حتى يبقين عوانس لأن قلبه الأسود يتأذى بإنعام الله على الآخرين. أيها الناس إن هذا التسرع إلى الطلاق بسبب تدخل الطرف الثالث أو الرابع ليعد وصمة عار في جبين الزوج الذي يخنع للترهات والأكاذب وعندما يعود الناس إلى هدي المصطفى تستقر البيوت ويتنفس القضاة الصعداء لكثرة ما أرهاقهم من ملفات الفصل والآن تعالوا بنا لنتسمع لهدي الحبيب
أولا: حق الزوج على زوجته. ومن ذلك ما يلي:
1>>ـ حفظ اسرار الزوجية أثنى القرءان على الزوجات الصالحات فقال :{ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا }قال القرطبي قوله تعالى: (فالصالحات قانتات حافظات للغيب) } هذا كله خبر، ومقصوده الامر بطاعة الزوج والقيام بحقه في ماله وفي نفسها في حال غيبة الزوج.وفي مسند أبى داود الطيالسي عن أبي هريرة قال قال رسول الله : (خير النساء التى إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك) قال: وتلا هذه الآية (الرجال قوامون على النساء) إلى آخر الآية.
وقال لعمر: (ألا أخبرك بخير ما يكنزه المرء المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته) أخرجه أبو داود.قال لعمر: (ألا أخبرك بخير ما يكنزه المرء المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته) أخرجه أبو داود.....وقال
{1297}
السعدي : قوله { فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ } أي: مطيعات لله تعالى { حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ } أي: مطيعات لأزواجهن حتى في الغيب تحفظ بعلها بنفسها وماله، وذلك بحفظ الله لهن وتوفيقه لهن، لا من أنفسهن، فإن النفس أمارة بالسوء، ولكن من توكل على الله كفاه ما أهمه من أمر دينه ودنياه.وفي الميسر : فالصالحات المستقيمات على شرع الله منهن، مطيعات لله تعالى ولأزواجهن، حافظات لكل ما غاب عن علم أزواجهن بما اؤتمنَّ عليه بحفظ الله وتوفيقه،اهـ وفي الوجيز : قوله : { قانتات حافظاتٌ للغيب } يحفظن فروجهنَّ في غيبة أزواجهنَّ.عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله : "إذا صَلَّت المرأة خَمسها، وصامت شهرها وحفظت فَرْجَها؛ وأطاعت زوجها قِيلَ لها: ادخُلِي الجنة من أيِّ أبواب الجنة شِئْتِ".> أحمد
ومن جملة الغيب التي ينبغي أن يحفظ ما يكون بينهما من العلاقات الخاصة فلا يصح أن تكون حديثا في المجالس ولا مع الأصدقاء أو الصديقات عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُاةقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا> مسلم...قال النووي : فِي هَذَا الْحَدِيث تَحْرِيم إِفْشَاء الرَّجُل مَا يَجْرِي بَيْنه وَبَيْن اِمْرَأَته مِنْ أُمُور الِاسْتِمْتَاع ، وَوَصْف تَفَاصِيل ذَلِكَ وَمَا يَجْرِي مِنْ الْمَرْأَة فِيهِ مِنْ قَوْل أَوْ فِعْل وَنَحْوه . فَأَمَّا مُجَرَّد ذِكْر الْجِمَاع ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ فَائِدَة وَلَا إِلَيْهِ حَاجَة فَمَكْرُوه لِأَنَّهُ خِلَاف الْمُرُوءَة . وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ كَانَ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُت " . وَإِنْ كَانَ إِلَيْهِ حَاجَة أَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَائِدَة بِأَنْ يُنْكِر عَلَيْهِ إِعْرَاضه عَنْهَا أَوْ تَدَّعِي عَلَيْهِ الْعَجْز عَنْ الْجِمَاع أَوْ نَحْو ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَة فِي ذِكْره كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنِّي لَأَفْعَلَهُ أَنَا وَهَذِهِ " وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَلْحَة : " أَعْرَسْتُمْ اللَّيْلَة ؟ " وَقَالَ لِجَابِرٍ : " الْكَيْس الْكَيْس " . وَاَللَّه أَعْلَم .اهـ ....ومن العار الذي نراه ونسمعه الإعلان عن زوال البكارة ليلة العرس بالخروج إلى الحي بالزغاريد غفشاء لسر الزوجين وهذه العادة العادة من العوائد القبيحة في بلدنا ......وعن أبي هريرة : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَنْسَ مِنْ صَلَاتِهِ شَيْئًا فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَقَالَ مَجَالِسَكُمْ هَلْ مِنْكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ أَغْلَقَ بَابَهُ وَأَرْخَى سِتْرَهُ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُحَدِّثُ فَيَقُولُ فَعَلْتُ بِأَهْلِي كَذَا وَفَعَلْتُ بِأَهْلِي كَذَا فَسَكَتُوا فَأَقْبَلَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ هَلْ مِنْكُنَّ مَنْ تُحَدِّثُ فَجَثَتْ فَتَاةٌ كَعَابٌ عَلَى إِحْدَى رُكْبَتَيْهَا وَتَطَاوَلَتْ لِيَرَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْمَعَ كَلَامَهَا فَقَالَتْ إِي وَاللَّهِ إِنَّهُمْ لَيُحَدِّثُونَ وَإِنَّهُنَّ لَيُحَدِّثْنَ فَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا مَثَلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ إِنَّ مَثَلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مَثَلُ شَيْطَانٍ وَشَيْطَانَةٍ لَقِيَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِالسِّكَّةِ قَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ...> مسند أحمد
2>ـ من حق الزوج على زوجته : أن تطيعه ولا تهرب من فراشه قال رسول الله : "لو كُنْتُ آمرًا أحدًا أن يَسْجد لأحد لأمرتُ المرأة أن تَسْجُدَ لزوجها، من عِظَم حَقِّه عليها"رواه الترمذي برقم (1159) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه أحمد في المسند (6/76) من حديث عائشة. وروى البخاري، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله : "إذا دَعَا الرَّجُلُ امرَأتَهُ إلى فِرَاشِه فأبَتْ عليه، لَعَنَتْهَا الملائكة حتى تُصْبِح" ورواه مسلم،
{1298}
ولفظه: "إذا باتت المرأة هَاجرة (10) فِراش زَوْجِها، لعنتها الملائكة حتى تُصبِح"؛ ولهذا قال تعالى: { وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ } .اهـ ابن كثير...... عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثَلَاثَةٌ لَا تَرْتَفِعُ صَلَاتُهُمْ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ شِبْرًا رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ وَأَخَوَانِ مُتَصَارِمَانِ>ابن ماجه
3ـ ومن حقه عليها أن لاتأذن في بيته من لايريده . عَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ، عَن ْرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:"لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ أَنْ تَأْذَنَ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَهُوَ كَارِهٌ، وَلا تَخْرُجَ وَهُوَ كَارِهٌ، وَلا تُطِيعَ فِيهِ أَحَدًا، وَلا تَخْشُنَ بِصَدْرِهِ، وَلا تَعْتَزِلَ فِرَاشَهُ، وَلا تَضْرِبَهُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ أَظْلَمَ مِنْهَا حَتَّى تُرْضِيَهُ، فَإِنْ هُوَ رَضِيَ وَقَبِلَ مِنْهَا فَبِهَا وَنعِمَتْ، قَبِلَ اللَّهُ عُذْرَهَا، وَأَمْلَحَ وَجْهِهَا، وَلا إِثْمَ عَلَيْهَا، وَإِنْ هُوَ أَبَى أَنْ يَرْضَى عَنْهَا فَقَدْ أَبَلَغَتْ عُذْرَهَا"المعجم الكبير .
ثانيا :حق الزوجة على زوجها أوصى الإسلام باحترام المرأة عامة والزوجة خاصة....يتجلى احترام المرأة عامة في الحديث الآتي : عن أَنَس بْن مَالِكٍ قَالَ
كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَادٍ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ لَا تَكْسِرْ الْقَوَارِيرَقَالَ قَتَادَةُ يَعْنِي ضَعَفَةَ النِّسَاءِ > البخاري ...عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا> البخاري....ويتجلى احترام الزوجة في الحديث الآتي : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ> مسلم قوله <يَفْرَك بِفَتْحِ الْيَاء وَالرَّاء وَإِسْكَان الْفَاء بَيْنهمَا قَالَ أَهْل اللُّغَة فَرِكَهُ بِكَسْرِ الرَّاء يَفْرُكُهُ إِذَا أَبْغَضه ( وَالْفَرْك ) بِفَتْحِ الْفَاء وَإِسْكَان الرَّاء الْبُغْض ،أَيْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضهَا ، لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَه وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا بِأَنْ تَكُون شَرِسَة الْخُلُق لَكِنَّهَا دَيِّنَة أَوْ جَمِيلَة أَوْ عَفِيفَة أَوْ رَفِيقَة بِهِ أَوْ نَحْو ذَلِكَ .اهـ النووي .... .ومن حقوق الزوجة ما يلي :
1>ـ : حقوقها الفكرية والدينية. كفل الإسلام للإنسان ذكرا أو أنثى حق التفكير والاعتقاد ، بل اعتبر التفكير والنظر أمرا واجبا على الإنسان ، فتعددت الآيات التي تحض الإنسان على النظر والتفكير في ظواهر الكون والحياة . قال تعالى : { أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ } ، ومن كل تلك النصوص تتجلى استقلالية الشخصية الدينية للمرأة وأنه لا أحد يقرر لها معتقدها وإنما هي التي تقرره بإرادتها الحرة .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ }}{ وَمَنْ يَقْنُتْ
{1299}
مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ } .ولما جاء الإسلام أسلمت المرأة وهاجرت ، مع كفر الزوج والأب وكافة الأقارب من الرجال فهذه أم حبيبة بنت أبي سفيان تسلم وتهاجر مع أن أباها كان إذ ذاك من رؤوس الكفر ويرتد زوجها فتثبت هي على الإسلام . وهذه فاطمة بنت الخطاب تسلم قبل إسلام أخيها عمر وتكون هي سبب إسلامه بواسطة تصديها وتحديها له لما علم بإسلامها وأراد أن يفتنها . وهذه أم كلثوم بنت عقبة ابن أبي معيط تسلم وتهاجر رغم أن كل أفراد أسرتها كانوا على الشرك . وكثيرات هن اللواتي كن السبب في إسلام أزواجهن منهن أم سليم زوجة أبي طلحة الأنصاري ، وأم حكيم بنت حزام زوجة عكرمة بن أبي جهل ، وغيرهن كثير...... عن النضر بن أنس ، قال : جاء أبو طلحة يخطب أم سليم فقالت : يا أبا طلحة ، ما مثلك يرد ، ولكنك امرؤ كافر ، وأنا امرأة مسلمة ، لا يصلح لي أن أتزوجك ، فقال : ما ذاك دهرك ، قالت : وما دهري (1) ؟ قال : الصفراء (2) والبيضاء (3) ، قالت : فإني لا أريد صفراء ولا بيضاء (4) ، أريد منك الإسلام ، قال : فمن لي بذلك ؟ قالت : لك بذلك رسول الله ، قال : فانطلق أبو طلحة يريد النبي ، ورسول الله جالس في أصحابه ، فلما رآه قال : « جاءكم أبو طلحة ، غرة الإسلام بين عينيه » ، فجاء فأخبر النبي بما قالت أم سليم ، فتزوجها على ذلك >> البيهقي في السنن وأبو نعيم في معرفى الصحابة .
ـــــــ
(1) دهري : همتي وإرادتي(2) الصفراء : الذهب(3) البيضاء : الفضة(4) بيضاء : المراد هنا الفضة.
2>>ـ /المهر : وهو الحق المالي الذي يجب على الرجل لامرأته بالعقد عليها أو الدخول بها { وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً } وقد أوجبه الله سبحانه وتعالى إظهارا لمكانة الزواج وتقديرا للمرأة
3>>ـ النفقة : وهي ما يصرفه الزوجعلى زوجته وأولاده من طعام ومسكن وكسوة ونفقة الزوجة هي ما يلزم للوفاء بمعيشتها بحسب ما هو متعارف بين الناس وقد ثبت وجوبها بالكتاب والسنة وذلك في قوله تعالى : { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ }{ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } ويقول الرسول : « ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف »
.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَال {1300}
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ>ابو داود قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُرِيد مَنْ يَلْزَمهُ قُوته ، وَالْمَعْنَى كَأَنَّهُ قَالَ لِلْمُتَصَدِّقِ لَا يَتَصَدَّق بِمَا لَا فَضْل فِيهِ عَنْ قُوت أَهْله يَطْلُب بِهِ الْأَجْر فَيَنْقَلِب ذَلِكَ الْأَجْر إِثْمًا إِذَا أَنْتَ ضَيَّعْتهمْ اِنْتَهَى
4>> من حقها عليه أن لايضربها روى ابو داود عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ قَالَ أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ أَوْ اكْتَسَبْتَ وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ >قَالَ أَبُو دَاوُد وَلَا تُقَبِّحْ أَنْ تَقُولَ قَبَّحَكِ اللَّهُ
5>>ـ عدم نسيانها بعد الموت عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ وَلَقَدْ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي بِثَلَاثِ سِنِينَ لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ ثُمَّ يُهْدِي فِي خُلَّتِهَا مِنْهَا> أخرجه البخاري في ( بَاب حُسْن الْعَهْد مِنْ الْإِيمَان )في الفتح قَالَ أَبُو عُبَيْد : الْعَهْد هُنَا رِعَايَة الْحُرْمَة . وَقَالَ عِيَاض : هُوَ الِاحْتِفَاظ بِالشَّيْءِ وَالْمُلَازَمَة لَهُ .
أَخْرَجَ الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " الشُّعَب " مِنْ طَرِيق صَالِح بْن رُسْتُم عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : " جَاءَتْ عَجُوز إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : كَيْف أَنْتُمْ ، كَيْف حَالكُمْ ، كَيْف كُنْتُمْ بَعْدنَا ؟ قَالَتْ : بِخَيْرٍ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُول اللَّه . فَلَمَّا خَرَجَتْ قُلْت : يَا رَسُول اللَّه تُقْبِل عَلَى هَذِهِ الْعَجُوز هَذَا الْإِقْبَال ؟ فَقَالَ : يَا عَائِشَة إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا زَمَان خَدِيجَة ، وَإِنَّ حُسْن الْعَهْد مِنْ الْإِيمَان " وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيق مُسْلِم بْن جُنَادَةَ
6>>ـ عدم الإضرار بالزوجة : فمن حقها أن لا يؤذيها بقول أو فعل أو خلق فالإضرار بها غير جائز { فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } وإذا خالف الزوج أدب الإسلام وآذاها كان من حقها أن ترفع أمرها إلى القضاء لينصفها ويزجره عما فعل بل يرى بعض الفقهاء أن من حقها أن تطلب التفريق للضرر الواقع عليها وللقاضي أن يحكم بطلاقها جبرا على الزوج طلاقا بائنا ( لا حق للزوج في إرجاعها
7>>ـ : صورمن ظلمالزوجة 1ـ>> إهمال النفقة عليها ..2ـ >> تفضيل إحدى زوجاته كالصغيرة على الكبيرة وفي هذا ورد ترهيب من الشارع الحكيم فقال: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ يَمِيلُ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ سَاقِطٌ> رواه أحمد
وأما الميل بالمحبة فلا يدخل صاحبه في هذا الوعيد لما رواه أحمد عن عائشة قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ فَيَعْدِلُ
{1301}
قَالَ عَفَّانُ وَيَقُولُ هَذِهِ قِسْمَتِي ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ هَذَا فِعْلِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ> عن ابن عباس قال: يعني: في الحب والجماع. قوله تعالى : { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} قال أهل التفسير : لن تطيقوا أن تسوّوا بينهن في المحبة التي هي ميل الطباع ، لأن ذلك ليس من كسبكم { ولو حرصتم } على ذلك { فلا تميلوا } إِلى التي تحبون في النفقة والقسم ...3ـ >>التزوج عليها ثم تهميشها لاهي مطلقة ولا هي متزوجة
8>>ـ صور من الزواج الناجح إن من يريد يكسب قلب زوجته فعليه بما يلي :
1 - ينبغي على الزوج التعرف على ما تحبه زوجته، والحرص على تحقيق ذلك وإظهاره. وبالمقابل الابتعاد عما تكرهه الزوجة من تصرفات وأخلاق. وقابلها دائماً بكل جميل. وأجمل شئ هو الاقتداء بهدي وخلق سيد البشر محمد .
2- حاول دائماً تجنب أسباب الخلاف.. فكن رجل سياسة يحسن التعامل من أجل المصالح المشتركة. ودائماً اعمل بقول الإمام الليث بن سعد، حيث يقول: أحب أن أعامل الناس على قدري!! فانظر ما هو قدرك وتعامل به، فلا تظهر المهانة أو الترفع على شريكتك بل ارفعها دائماً واجعلها تحس أنها أهم إنسانة في الوجود بالنسبة لك. من هنا سوف تكسب ولن تخسر أبداً.
3 - ليحرص الزوج على قول الطيب من الكلام. فلا تضرب الوجه ولا تقبح. كما أوصى بذلك رسول الله، . وحتى إن كنت في منتهى غضبك تجنب تقبيح زوجتك لأن هذا سوف يجرح نفسها ويؤذيها.. وأعظم من ذلك أنك تخالف أمر نبيك وحبيبك محمد .
4- تعود الاستماع منها ومشاركتها أحزانها كما تشاركها أفراحها. خذ بمشورتها في بعض جوانب الحياة التي تخصكم كشركاء. وهنا أنصح كل واحد منا أن يقرأ حديث أم زرع الذي روته أمنا عائشة رضي الله عنها لرسول الله ، ومع طول الحديث، كان الحبيب محمد يستمع.. بل يستمع إليها بكل عناية وأدب .
5 - الزينة.. أخي الزوج تزين لزوجتك كما تحب أن تتزين هي لك. أكثر من الطيب، عود نفسك على السواك، وأحسن من تصفيف شعرك.. لا تعتقد أن هذا الفعل شيء جديد وبدعاً من القول. لا.. بل كان الرسول ، و بعض صحابته رضي الله عنهم يتزينون لزوجاتهم.
6 - في كل يوم.. احرص على أن تظهر وتتصرف مع زوجتك وكأن هذا اليوم.. هو أول يوم في زواجكما.
{1302}
7ــ أثن على زوجتك عندما تقوم بعمل يستحق الثناء، فالرسول قال: «مَنْ لَمْ يَشْكُرْ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرْ اللَّهَ».رواه أحمد والترمذي
8ــ توقف عن توجيه التجريح والتوبيخ، ولا تقارنها بمن تعرف من قريباتك اللاتي تعجب بهن، وتريد أن تتخذهن مثلاً عليا تجري في أذيالهن، وتلهث في أعقابهن.
9ـ أنصت إلى زوجتك باهتمام، فإن ذلك يخلّصها مما قد يأتي عليها من هموم.. ولكن هناك من النساء من لا تستطيع التوقف عن الكلام، أو تصب كلامها على ذكر أهلك وأقربائك، فعليك حينئذ أن تعالج الأمر بحكمة وموعظة حسنة.
10ـ وازن - أخي الزوج - بين حبك لزوجتك وحبك لوالديك وأهلك، فلا يطغى جانب على جانب، ولا يسيطر حب على حساب آخر.. فأعط كل ذي حق حقه بالحسنى والقسطاس المستقيم.
11ـ كن لزوجتك كما تحب أن تكون لك في كل ميادين الحياة، فإنها تحب منك ما تحبه أنت منها... قال ابن عباس: (إنِّي أُحِبّ أَنْ أَتَزَيَّن لِلْمَرْأَةِ، كَمَا أُحِبّ أَنْ تَتَزَيَّن لِي ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره يَقُول : {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} البقرة:228).
12ـ ساعد زوجتك في بعض أعمالها المنزلية، فلقد بلغ من حسن معاشرة النبي لنسائه التبرع بمساعدتهن في واجباتهن المنزلية. و«سئلت عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ قَالَتْ كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ» البخاري.
13ـ غض الطرف عن بعض نقائص زوجتك، وتذكر ما لها من محاسن ومكارم فهذه تغطي النقص، لقول النبي : «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» مسلم . ، وفي المثل يقولون : التغاضي تسعة أعشار المعيشة.
14ـ كن مستقيماً في حياتك تكن هي كذلك، وحذار أن تمد عينيك إلى ما لا يحل لك سواء في الطريق أو شاشة تلفاز، وما أسوأ ما أتت به الفضائيات من مشاكل زوجية.
15ـ لا تذكرها بعيوب صدرت منها سابقاً في مواقف معينة، ولا تعيرها بتلك الأخطاء والمواقف، وخاصة أمام الآخرين.