هو أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسى المغربى
الغرناطى الحافظ القاضى. ولى القضاء بمدينة المرية بالأندلس ولما تولَّى
توخى الحق وعدل فى الحكم وأعز الخطة. ويقال: إنه قصد مرسية بالمغرب ليتولى
قضاءها، فصُدَّ عن دخولها، وصُرِف منها إلى الرقة بالمغرب، واعتُدى عليه
رحمه الله، وكان مولده سنة 481 هـ
نشأ القاضى أبو محمد بن عطية فى بيت علم وفضل، فأبوه أبو بكر غالب بن عطية،
إمام حافظ، وعالم جليل. رحل فى طلب العلم وتفقه على العلماء. وجدَه عطية
أنسل كثيراً لهم قدر وفيهم فضل، فلا عجب إذن أن يشبه الفرع أصله.
كان أبو محمد بن عطية غاية فى الدهاء والذكاء وحسن الفهم وجلاله التصرف،
شغوفا باقتناء الكتب، وكان على مبلغ عظيم من العلم، فكان فقيهاً جليلاً،
عارفاً بالأحكام والحديث والتفسير، نحوياً لُغوياً، أديباً شاعراً، مقيداً
ضابطاً، سُنِّياً فاضلا. وصفه صاحب "قلائد العقيان" بالبراعة فى الأدب،
والنظم، والنثر، وذكر شيئا من شِعره، ووصفه أبو حيان فى مقدمة البحر المحيط
بأنه: "أجَّل مَنْ صنَّف فى علم التفسير، وأفضل مَنْ تعرَّض فيه للتنقيح
والتحرير".
روى عن أبيه، وأبى علىّ الغسَّانى، والصفدى. وروى عنه أبو بكر ابن أبى حمزة، وأبو القاسم بن حبيش، وأبو جعفر بن مضاء، وغيرهم.
وقد خلَّف من المؤلفات كتاب التفسير، المسمى بـ "المحرر الوجيز فى تفسير
الكتاب العزيز"، كما ألَّف برنامجاً ضمنه مروياته وأسماء شيوخه، وقد حرر
هذا الكتاب وأجاد فيه.
وعلى الجملة، فالقاضى أبو محمد بن عطية عالِم له شهرته العلمية فى نواح
مختلفة، وقد عدَّه ابن فرحون فى "الديباج المذهب" من أعيان مذهب المالكية،
كما عدَّه السيوطى فى "بغية الوعاة" من شيوخ النحو وأساطين النحاة.
تُوفى بالرِّقة سنة 546 هـ وقيل غير ذلك.